فراق ابني جعلني اكثر حزنا

12 أبريل 2023

انا نهى ابلغ من العمر 48 عاما ، ام لخمسة بنات وولد ، تزوجت وسكنت في طوباس منذ ثلاثين عاما ، اعمل انا وزوجي في تربية المواشي وصناعة الجبنة فهي مصدر رزقنا الوحيد ، كنت حريصة جدا على التزام ابنائي في المدارس مع انه عبئ كبير علينا لكنني الحمد لله كنت قادره على ان جميع بناتي وولدي الوحيد قد درسوا وانهى بعضهم تعليمه الثانوي، اننا في المالح اكثر شيء نعاني منه المداهمات الليلية لجنود الاحتلال الإسرائيلي لخيمنا ، فقد تعرضنا لكثير من المداهمات من قبل قوات جيش الاحتلال وكانت اخرها بشهر نيسان من هذا العام ، حيث استيقظت الساعة الثانية صباحا على صراخ جنود الاحتلال بان نغادر الخيمة ، وبالفعل خرجنا جميعا للعراء ، وكان الجو بارد جدا ولكنهم قاموا بهدم كل شيء فوق الأرض ، لم يبقى لنا سوى الدمار وحتى لم تسلم منهم الطاقات الشمسية التي كانت تنير علينا ليلا ، وبعد انسحابهم بقينا في ظلام دامس لا نرى شيء حتى شروق الشمس ، ليست المرة الأولى ولا الأخيرة  عندهم برنامج دائم في الهدم لكل الممتلكات لترهيبنا واجبارنا على الهجرة .

كل هذه الانتهاكات لم تكن شيء في مقابل قتل جنود الاحتلال لابني، ففي تاريخ 21/6/2014 خرج ابني صخر البالغ من العمر 18 عاما صباحا كعادته لرعي الأغنام ، اخذ فطوره معه واسرع لعمله اليومي في رعي الأغنام ، عند موعد حضوره العصر تأخر كان ابوه ينتظر عودته لحلب الأغنام ، وبقيت انا ووالده ننتظر عودته حتى اذان المغرب ولكن لم يعود ، كنت جدا خائفة ومتوترة لأنني ادرك تماما عدم عودة صخر بالأغنام قبل غروب الشمس معناه انه هنالك مصيبة كبيرة ، وبالفعل نادى زوجي اقاربه واخذوا الكشافات وبدأوا البحث عن صخر والاغنام ، وبعد قرابة الساعة وجدوا ابني فلذه كبدي قد فارق الحياة بسبب رصاصة استقرت في قلبه .

يا وجع قلبي الذي ما زال لغاية الان يؤلمني فراقه، تبين بالفحص انه رصاصة من جيش الاحتلال اثناء تدريب لهم في المنطقة استقرت في قلبه وانه فارق الحياه منذ الصباح ، نعم فراق ابني جعلني اكثر حزنا أتذكر انني بقيت في حالة حزن وحداد لسنوات ، وأصبحت أخاف على اولادي وزوجي اكثر واكثر ولكننا لا نملك مصدر رزق او مكان للسكن سوى هنا ، نعيش كل يوم ونحن ننتظر غد بخوف شديد سواء جاء جنود الاحتلال للهدم او عند سماع صوت الرصاص اثناء التدريبات العسكرية الكثيرة في المنطقة حيث ان دولة الاحتلال صنفت هذه المنطقة بمنطقة عسكرية خاضعه لهم .

والان نحن نعاني بشكل كبير من انتهاك خطير وهو حرماننا من الماء، ممنوع ان نحفر أي بئر ارتوازي او مد أي شبكة مياه، فنحن مجبورين على شراء كل 6 أيام خزان ماء بتكلفة 200 شيقل ليفي الغرض لسقي الأغنام والاستعمال الشخصي.

نعم اننا في هذه المنطقة نواجه كل أنواع الانتهاكات من قبل جيش الاحتلال أولها الخوف من الموت برصاص جنود الاحتلال اثناء تدريباتهم، والخوف من الهدم الدائم ورمينا خارج الخيم في البرد الشديد او الحر الشديد وتدمير وتكسير أي ممتلكات.

ولكني بالرغم من كل هذه الظروف الصعبة لا يمكن ان أفكر حتى مجرد فكره مغادره هذه الأرض الذي رواها ابني صخر بدمه، نحن أصحاب حق وأصحاب إرادة ولابد للحق ان يكون اقوى من أي جبروت ظالم اسمه احتلال.

اقرأ ايضا في اصوات نسائية: حياة القرية