افتتاحية النشرة السنوية لمركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي - 2024
في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي وحرب الإبادة على قطاع غزة، واستهداف المدنيين الفلسطينيين بشكل منهجي، تواجه النساء الفلسطينيات تحديات غير مسبوقة، تجمع بين القمع السياسي والتمييز الاجتماعي. لقد كان العام 2024 شاهدًا على مستويات غير مسبوقة من العنف والانتهاكات، حيث أصبح قطاع غزة ساحة للدمار والتجويع، وسجل الاحتلال أرقامًا قياسية في استهداف النساء، سواء عبر القصف المباشر، أم التهجير القسري، أم استخدام العنف الجنسي كأداة للقمع والإرهاب.
النساء الفلسطينيات، وخاصة في غزة، وجدن أنفسهن في قلب الكارثة الإنسانية، يتحملن أعباء النزوح المتكرر، وفقدان أفراد الأسرة، والعيش في ظروف تفتقر إلى الحد الأدنى من مقومات الحياة. في عام واحد فقط، أنجبت أكثر من 55 ألف امرأة في ظل ظروف صحية غير إنسانية، حيث تفتقر المستشفيات والمراكز الصحية إلى أبسط الإمكانيات بسبب الاستهداف الإسرائيلي الممنهج. كما حرمت 150 ألف أم من القيام بالرضاعة الطبيعية بسبب سياسة التجويع وانعدام الغذاء والمياه النظيفة. إضافةً إلى ذلك، تحمّلت النساء مسؤوليات مضاعفة في ظل الإصابات الجماعية، وأصبحن معيلات لأسرهن بعد استشهاد أزواجهن، ما زاد من معاناتهن الاقتصادية والاجتماعية.
وفي هذا السياق المظلم، واصل مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي عمله الحثيث للدفاع عن حقوق النساء الفلسطينيات، من خلال تقديم الخدمات القانونية والاجتماعية، ورصد وتوثيق الانتهاكات، وقيادة حملات المناصرة على المستويين المحلي والدولي. لقد سخر المركز جهوده لمطالبة المجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها في وقف الإبادة الجماعية، وضمان وصول المساعدات الإنسانية، وإشراك النساء في عملية إعادة الإعمار وصنع القرار.
كما وضع المركز خطة طوارئ استجابةً للواقع المتغير، حيث واجهت النساء في الضفة الغربية أيضًا تصعيدًا غير مسبوق، من اقتحامات يومية واعتقالات، إلى إرهاب المستوطنين وعزل مدينة القدس عن باقي المناطق الفلسطينية. ورغم كل التحديات، تبنى المركز سياسة مرنة، عدّل من خلالها تدخلاته لضمان تقديم الدعم المستمر للنساء في ظل هذه الأوضاع القاسية.
إلى جانب ذلك، واصل المركز جهوده الحثيثة على المستوى الوطني، عبر تعزيز الائتلافات النسوية والضغط من أجل إقرار قانون حماية الأسرة من العنف، رغم العرقلة المستمرة لهذا القانون الحيوي الذي يمثل حجر الأساس في حماية النساء من العنف والتمييز الممنهج.
هذه النشرة ليست مجرد توثيق لإنجازات المركز، بل هي شهادة حية على صمود النساء الفلسطينيات، وعلى معركتهن المستمرة من أجل حقوقهن، رغم الدمار والتشريد والممارسات القمعية. إنها دعوة لمواصلة النضال، والتأكيد على أن المرأة الفلسطينية لم تكن يومًا ضحية صامتة، بل كانت دائمًا في الصفوف الأولى للمواجهة، تقود، وتبني، وتصنع مستقبلًا أكثر عدلًا.
إننا نأمل أن تسهم هذه النشرة في تعزيز التضامن مع قضايا النساء الفلسطينيات، وتوسيع دائرة التأثير نحو مجتمع أكثر عدالة ومساواة، حيث تنال النساء حقوقهن، بعيدًا عن الاحتلال والقهر الاجتماعي.
تحميل