النشرة السنوية 2024

12 أبريل 2025

افتتاحية‭ ‬النشرة‭ ‬السنوية‭ ‬لمركز‭ ‬المرأة‭ ‬للإرشاد‭ ‬القانوني‭ ‬والاجتماعي - ‭ ‬2024

في‭ ‬ظل‭ ‬استمرار‭ ‬العدوان‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬وحرب‭ ‬الإبادة‭ ‬على‭ ‬قطاع‭ ‬غزة،‭ ‬واستهداف‭ ‬المدنيين‭ ‬الفلسطينيين‭ ‬بشكل‭ ‬منهجي،‭ ‬تواجه‭ ‬النساء‭ ‬الفلسطينيات‭ ‬تحديات‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة،‭ ‬تجمع‭ ‬بين‭ ‬القمع‭ ‬السياسي‭ ‬والتمييز‭ ‬الاجتماعي‭. ‬لقد‭ ‬كان‭ ‬العام‭ ‬2024‭ ‬شاهدًا‭ ‬على‭ ‬مستويات‭ ‬غير‭ ‬مسبوقة‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬والانتهاكات،‭ ‬حيث‭ ‬أصبح‭ ‬قطاع‭ ‬غزة‭ ‬ساحة‭ ‬للدمار‭ ‬والتجويع،‭ ‬وسجل‭ ‬الاحتلال‭ ‬أرقامًا‭ ‬قياسية‭ ‬في‭ ‬استهداف‭ ‬النساء،‭ ‬سواء‭ ‬عبر‭ ‬القصف‭ ‬المباشر،‭ ‬أم‭ ‬التهجير‭ ‬القسري،‭ ‬أم‭ ‬استخدام‭ ‬العنف‭ ‬الجنسي‭ ‬كأداة‭ ‬للقمع‭ ‬والإرهاب‭.‬

النساء‭ ‬الفلسطينيات،‭ ‬وخاصة‭ ‬في‭ ‬غزة،‭ ‬وجدن‭ ‬أنفسهن‭ ‬في‭ ‬قلب‭ ‬الكارثة‭ ‬الإنسانية،‭ ‬يتحملن‭ ‬أعباء‭ ‬النزوح‭ ‬المتكرر،‭ ‬وفقدان‭ ‬أفراد‭ ‬الأسرة،‭ ‬والعيش‭ ‬في‭ ‬ظروف‭ ‬تفتقر‭ ‬إلى‭ ‬الحد‭ ‬الأدنى‭ ‬من‭ ‬مقومات‭ ‬الحياة‭. ‬في‭ ‬عام‭ ‬واحد‭ ‬فقط،‭ ‬أنجبت‭ ‬أكثر‭ ‬من‭ ‬55‭  ‬ألف‭ ‬امرأة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬ظروف‭ ‬صحية‭ ‬غير‭ ‬إنسانية،‭ ‬حيث‭ ‬تفتقر‭ ‬المستشفيات‭ ‬والمراكز‭ ‬الصحية‭ ‬إلى‭ ‬أبسط‭ ‬الإمكانيات‭ ‬بسبب‭ ‬الاستهداف‭ ‬الإسرائيلي‭ ‬الممنهج‭. ‬كما‭ ‬حرمت‭ ‬150‭  ‬ألف‭ ‬أم‭ ‬من‭ ‬القيام‭ ‬بالرضاعة‭ ‬الطبيعية‭ ‬بسبب‭ ‬سياسة‭ ‬التجويع‭ ‬وانعدام‭ ‬الغذاء‭ ‬والمياه‭ ‬النظيفة‭. ‬إضافةً‭ ‬إلى‭ ‬ذلك،‭ ‬تحمّلت‭ ‬النساء‭ ‬مسؤوليات‭ ‬مضاعفة‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬الإصابات‭ ‬الجماعية،‭ ‬وأصبحن‭ ‬معيلات‭ ‬لأسرهن‭ ‬بعد‭ ‬استشهاد‭ ‬أزواجهن،‭ ‬ما‭ ‬زاد‭ ‬من‭ ‬معاناتهن‭ ‬الاقتصادية‭ ‬والاجتماعية‭.‬

وفي‭ ‬هذا‭ ‬السياق‭ ‬المظلم،‭ ‬واصل‭ ‬مركز‭ ‬المرأة‭ ‬للإرشاد‭ ‬القانوني‭ ‬والاجتماعي‭ ‬عمله‭ ‬الحثيث‭ ‬للدفاع‭ ‬عن‭ ‬حقوق‭ ‬النساء‭ ‬الفلسطينيات،‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬تقديم‭ ‬الخدمات‭ ‬القانونية‭ ‬والاجتماعية،‭ ‬ورصد‭ ‬وتوثيق‭ ‬الانتهاكات،‭ ‬وقيادة‭ ‬حملات‭ ‬المناصرة‭ ‬على‭ ‬المستويين‭ ‬المحلي‭ ‬والدولي‭. ‬لقد‭ ‬سخر‭ ‬المركز‭ ‬جهوده‭ ‬لمطالبة‭ ‬المجتمع‭ ‬الدولي‭ ‬ومنظمات‭ ‬الأمم‭ ‬المتحدة‭ ‬بتحمل‭ ‬مسؤولياتها‭ ‬في‭ ‬وقف‭ ‬الإبادة‭ ‬الجماعية،‭ ‬وضمان‭ ‬وصول‭ ‬المساعدات‭ ‬الإنسانية،‭ ‬وإشراك‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬عملية‭ ‬إعادة‭ ‬الإعمار‭ ‬وصنع‭ ‬القرار‭.‬

كما‭ ‬وضع‭ ‬المركز‭ ‬خطة‭ ‬طوارئ‭ ‬استجابةً‭ ‬للواقع‭ ‬المتغير،‭ ‬حيث‭ ‬واجهت‭ ‬النساء‭ ‬في‭ ‬الضفة‭ ‬الغربية‭ ‬أيضًا‭ ‬تصعيدًا‭ ‬غير‭ ‬مسبوق،‭ ‬من‭ ‬اقتحامات‭ ‬يومية‭ ‬واعتقالات،‭ ‬إلى‭ ‬إرهاب‭ ‬المستوطنين‭ ‬وعزل‭ ‬مدينة‭ ‬القدس‭ ‬عن‭ ‬باقي‭ ‬المناطق‭ ‬الفلسطينية‭. ‬ورغم‭ ‬كل‭ ‬التحديات،‭ ‬تبنى‭ ‬المركز‭ ‬سياسة‭ ‬مرنة،‭ ‬عدّل‭ ‬من‭ ‬خلالها‭ ‬تدخلاته‭ ‬لضمان‭ ‬تقديم‭ ‬الدعم‭ ‬المستمر‭ ‬للنساء‭ ‬في‭ ‬ظل‭ ‬هذه‭ ‬الأوضاع‭ ‬القاسية‭.‬

إلى‭ ‬جانب‭ ‬ذلك،‭ ‬واصل‭ ‬المركز‭ ‬جهوده‭ ‬الحثيثة‭ ‬على‭ ‬المستوى‭ ‬الوطني،‭ ‬عبر‭ ‬تعزيز‭ ‬الائتلافات‭ ‬النسوية‭ ‬والضغط‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬إقرار‭ ‬قانون‭ ‬حماية‭ ‬الأسرة‭ ‬من‭ ‬العنف،‭ ‬رغم‭ ‬العرقلة‭ ‬المستمرة‭ ‬لهذا‭ ‬القانون‭ ‬الحيوي‭ ‬الذي‭ ‬يمثل‭ ‬حجر‭ ‬الأساس‭ ‬في‭ ‬حماية‭ ‬النساء‭ ‬من‭ ‬العنف‭ ‬والتمييز‭ ‬الممنهج‭.‬

هذه‭ ‬النشرة‭ ‬ليست‭ ‬مجرد‭ ‬توثيق‭ ‬لإنجازات‭ ‬المركز،‭ ‬بل‭ ‬هي‭ ‬شهادة‭ ‬حية‭ ‬على‭ ‬صمود‭ ‬النساء‭ ‬الفلسطينيات،‭ ‬وعلى‭ ‬معركتهن‭ ‬المستمرة‭ ‬من‭ ‬أجل‭ ‬حقوقهن،‭ ‬رغم‭ ‬الدمار‭ ‬والتشريد‭ ‬والممارسات‭ ‬القمعية‭. ‬إنها‭ ‬دعوة‭ ‬لمواصلة‭ ‬النضال،‭ ‬والتأكيد‭ ‬على‭ ‬أن‭ ‬المرأة‭ ‬الفلسطينية‭ ‬لم‭ ‬تكن‭ ‬يومًا‭ ‬ضحية‭ ‬صامتة،‭ ‬بل‭ ‬كانت‭ ‬دائمًا‭ ‬في‭ ‬الصفوف‭ ‬الأولى‭ ‬للمواجهة،‭ ‬تقود،‭ ‬وتبني،‭ ‬وتصنع‭ ‬مستقبلًا‭ ‬أكثر‭ ‬عدلًا‭.‬

إننا‭ ‬نأمل‭ ‬أن‭ ‬تسهم‭ ‬هذه‭ ‬النشرة‭ ‬في‭ ‬تعزيز‭ ‬التضامن‭ ‬مع‭ ‬قضايا‭ ‬النساء‭ ‬الفلسطينيات،‭ ‬وتوسيع‭ ‬دائرة‭ ‬التأثير‭ ‬نحو‭ ‬مجتمع‭ ‬أكثر‭ ‬عدالة‭ ‬ومساواة،‭ ‬حيث‭ ‬تنال‭ ‬النساء‭ ‬حقوقهن،‭ ‬بعيدًا‭ ‬عن‭ ‬الاحتلال‭ ‬والقهر‭ ‬الاجتماعي‭.‬

تحميل