انتهاكات الاحتلال الإسرائيلي بحق الأسيرات من قطاع غزة

12 يوليو 2025

في منزل صغير يقع شرق قطاع غزة، عاشت امرأة خمسينية، أمّ لستة أبناء، وجدّة لثلاثة أحفاد. كانت حياتها تمضي ببساطة رغم صعوبة الواقع، حتى حلّ اليوم الثالث من الحرب. تركت كل شيء خلفها، واصطحبت أسرتها إلى المستشفى الأقرب، بحثًا عن الأمان. غرفة العلاج الطبيعي أصبحت ملاذًا لما يزيد عن مئة امرأة وطفل، بينما قبع الرجال في غرفة أخرى.

في مساء اليوم الخامس، دوى الانفجار الأول في المستشفى.. قصف إسرائيلي قيل  إنه خطأ. لكن في الحرب، لا تنفع الاعتذارات. كثيرون غادروا، أما هي، فقررت البقاء. ظنت أن المكان سيكون آمناً، لكن في 17 أكتوبر، تكررت المأساة. انهار السقف، وسال الدم، وساد الصراخ. في واحدة من المجازر التي ارتكبها الاحتلال الإسرائيلي بحق المدنيين.بعد المجزرة التي ارتكبها الاحتلال الاسرائيلي، عادت إلى منزلها، لكن القصف اشتد، فعادت إلى المستشفى. وبعد أيام، حاصر جنود الاحتلال المكان،المكان، واعتقلوا زوجها تعسفيًا ، وابن أخيها، وأقاربها، وكانت هي وشقيقتاها من بين " المعتقلات ".

بمكبرات الصوت، نادوهن. أُجبر الرجال على التعرّي القسري، ، وقُيّدوا في البرد القارس. النساء خضعن للتفتيش القاسي، ووقفن على الرصيف تحت أعين المجندات والجنود. هناك، بدأت الرحلة نحو المجهول.

من معسكر إلى آخر، ومن تفتيش إلى تحقيق، وُضعت أجسادهن تحت الإهانة، وكرامتهن تحت وطأة القسوة. في إحدى المحطات، اضطررن لقضاء الحاجة في الشارع تحت أعين الجنود. سُلبت منهن النقود، المجوهرات، وحتى الملابس الداخلية.

أُجبرن على ارتداء بيجامات رقيقة دون أي حماية. مشين حافيات على الحصى، تلقين الضرب، والشتم، والتهديد. في إحدى المعسكرات، غُطين ببطانيات مبللة تحت المطر، حتى توقفت أطرافهن عن الإحساس.

تم تفريقهن عن بعض، عُذّبن نفسيًا، وتعرض بعضهن لتحرشات. . إحدى النساء أُجهضت بعد أن ضُربت بقسوة على بطنها.أخريات تعرضن لانتهاكات لفظية وجسدية مهينة.

في سجن "الدامون" الإسرائيلي الذي يقع في جبال الكرمل-حيفا، عشن بين الحشرات والرطوبة، في غرف مظلمة، بوقت استراحة لا يكفي لتجفيف الثياب المبللة. كانت الصلاة سرًا، والنوم أمنية. الكوابيس لم تتوقف.

مرت الأسابيع، ثم طُلِب منهن التوقيع على أوراق، والتحقيق مجددًا. وُجهت إليهن. وُجهت إليهن تهم عبثية : "أمهات يحرضن"، "مدارس تحتها أنفاق"، "أنتم من صنعتم يوم 7 أكتوبر". كذب يتكرر، وصمت يُفرَض.

وفي صباح 1 فبراير، أُفرج عنهن بعد أسابيع من الاعتقال غير القانوني. . ساروا مسافات طويلة حتى وصلن إلى معبر كرم أبو سالم وهناك، طلبوا منهن أن يبتسمن للكاميرا وعدم الالتفات للوراء، كان الصليب الأحمر بانتظارهم.

اليوم، تعيش هي وشقيقاتها في جنوب القطاع، بعد أن التقت بزوجها الذي اٌعتقل في ذات اليوم من اعتقالها ولكن بعد يومين قام الاحتلال الإسرائيلي بإلقائه على دوار الكويتي بغزة. أما أولادها، فما زالوا في قلب الحرب، في شمال غزة.

كل ليلة، تهاجمها الكوابيس، ويخنقها الخوف من الحديث، من الإعلام، من الانتقام. لكنها لا تزال تأمل أن تنتهي الحرب، أن ترى أبناءها جميعًا تحت سقف واحد، وأن تنعم غزة، ذات يوم، بالسلام.

اقرأ ايضا في اصوات نسائية: المرأة الغزية