قصة نور الشجاعة وأشقائها رعب يوم القيامة: هجوم المستوطنين على قرية المغير في 12 نيسان

  • الرئيسية
  • أصوات نسائية
29 يوليو 2025

قصة نور الشجاعة وأشقائها
رعب يوم القيامة: هجوم المستوطنين على قرية المغير في 12 نيسان

قام مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي (WCLAC) بزيارة ميدانية إلى قرية المغير، وهي إحدى القرى الفلسطينية التي تتعرض باستمرار لهجمات المستوطنين. رافق هذه الزيارة منسق المناصرة الدولية وباحثة ميدانية من المركز، بهدف توثيق الشهادات وجمع البيانات المتعلقة بتأثير هذه الهجمات على النساء الفلسطينيات، وذلك في أعقاب هجوم عنيف شنه المستوطنون يوم 12 نيسان بذريعة "فقدان مستوطن".

قدّم رئيس مجلس قروي المغير، أمين أبو عليا، وصفًا شاملاً لكيفية تأثير هجمات المستوطنين الإرهابية على القرية، خاصة الهجوم الأخير، قائلاً:
"
في ذلك اليوم، احتشدت حوالي 250 مركبة تابعة للمستوطنين على الطريق الرئيس (شارع رقم 90). ورغم تواصلنا مع الإدارة المدنية الإسرائيلية لإبلاغهم بخطورة الوضع، إلا أنهم تجاهلوا الأمر مدّعين أن المستوطنين يبحثون عن راعٍ مفقود. بعد ذلك، أغلق جيش الاحتلال جميع مداخل القرية عبر الحواجز.”

خلال الاعتداء الذي استمر لأربع ساعات، أطلق قرابة 300 مستوطن مسلح ومقنّع النار الحي على الأهالي، ما أدى إلى إصابة 76 شخصًا، من بينهم 15 شابًا أُصيبوا بإعاقات دائمة. كما تم إحراق وتدمير 13 منزلاً بالكامل، وإلحاق أضرار جزئية بـ14 منزلًا آخر. إضافة إلى ذلك، دُمّرت 20 خيمة تعود للبدو، وسُرقت أو قُتلت 150 رأس ماشية، وتم إحراق 71 مركبة بالكامل, في ذلك اليوم، كان الشاب جهاد عفيف أبو عليا يزور أقاربه في أحد هذه المنازل، وحين بدأ إطلاق النار، ساعد في إجلاء المسنّين إلى سطح المنزل، فأُصيب برصاصة في رأسه واستُشهد على الفور."

تحكي لميا، البالغة من العمر 41 عامًا، وهي من سكان أطراف قرية المغير، وابنتها نور البالغة من العمر 17 عامًا، وهي طالبة في الصف الثاني عشر، تفاصيل ما جرى في ذلك اليوم المشؤوم. تقول الأم وابنتها إن مكبرات صوت المسجد بدأت تدعو الأهالي لحماية أطفالهم والاحتماء فور اندلاع الهجوم، وتروي نور تفاصيل اللحظات المرعبة التي عاشتها:

"بدأت مجموعات الواتساب التي أنشأها أهالي المغير تمتلئ بالرسائل. سمعت أمي النداء عبر مكبرات الصوت، فأسرعت لجمع شقيقتي أمل (8 سنوات) وشقيقي خالد (12 سنة) وطلبت منهما الفرار مع الأغنام نحو وسط القرية، لأن المستوطنين دائمًا ما يسرقون المواشي ويحرقون الحظائر. لحسن الحظ، الدجاج هرب وحده.حين خرجنا من المنزل، فوجئنا بمشهد مرعب: مئات المستوطنين، عراة الصدور، يغطّون وجوههم بقمصانهم ويحملون أسلحة رشاشة، يركضون نحونا وهم يصرخون بهتافات حربية وألفاظ جنسية نابية. لم نكن سوى أنا، أمي، وأخي محمد البالغ من العمر 18 عامًا. لم يكن أمامنا سوى الدفاع عن بيتنا.
أحاطوا بنا وبدأوا بسكب مادة مشتعلة على النوافذ والأبواب، ثم أضرموا النار. سمعت إطلاق نار ورأيت أمي تنهار أرضًا. لم تكن رصاصة بل حجر كبير أصاب رأسها وأفقدها الوعي.

ركضنا أنا وأخي لإنقاذها، لكنها أُصيبت مرتين إضافيتين. ظننت أنها ماتت. سحبناها نحو المنزل الذي كان يشتعل، والدخان الكثيف ملأ الأجواء وحجب الرؤية. كانت الطلقات والصرخات تملأ المكان.

وصل والدي مع أعمامي، لكنني صرخت فيهم أن يختبئوا. وفجأة شعرت بسخونة في ساقي. لم أفهم ما جرى، حتى أدركت أنني أُصبت برصاصة. لم أكن أعرف شعور الإصابة من قبل.

آخر ما أتذكره أنني فقدت الوعي. أذكر فقط أنني أفيق وأغيب مرة أخرى في سيارة الإسعاف، وسط جثث، ربما كانت لأشخاص أُصيبوا مثلي. الرحلة التي تستغرق 15 دقيقة استغرقت ثلاث ساعات بسبب عرقلة الاحتلال لمسار الإسعاف.

حين وصلنا، خضعت لعملية جراحية. أخرج الطبيب رصاصة، لكن الثانية بقيت في منطقة حساسة من ساقي. وحتى اليوم، لا أستطيع المشي بشكل طبيعي، وما زالت الحركة مؤلمة وصعبة.

بعد أربعة أيام عدت إلى المنزل، فوجدته خرابًا تامًا. كل شيء محترق. الجدران سوداء، والبيت مدمر بالكامل. ركضت أبحث بين الركام عن مكتبتي وكتبي وملابسي. لم أجد سوى غرفة تحولت إلى رماد. زملائي أيضًا أُصيبوا، مثل خالد وأمل. خالد أُصيب في بطنه وأصيب بالشلل الكامل، ولم يعد قادرًا على مواصلة دراسته. حالته سيئة للغاية، وفقد الكثير من وزنه."أما أنا، فما زلت أعاني من الخوف والأرق. لا أستطيع النوم. أعيش في حالة من التوتر الدائم، أشعر في كل لحظة أن المستوطنين سيهاجمون مجددًا. كل صوت ليلًا، كل رنين هاتف، يصيبني بالرعب. لا راحة لي، ولا استقرار داخلي. الملاذ الوحيد لي من هذا كله هو دراستي. أقنع نفسي أن تركيزي في تعليمي هو الوسيلة الوحيدة لنسيان الألم الجسدي والرعب النفسي."

تخرجت نور من الثانوية العامة بمعدل ممتاز بلغ 77، رغم كل ما مرت به من إصابات ومعاناة، ولا تزال متمسكة بإصرارها على الحياة، وتقول إنها تطمح لدراسة الصحافة

للاتطلاع على القصة اضغط هنا