نكبة مستمرة وإبادة جماعية: النساء في قلب العدوان والتطهير العرقي
في الذكرى السابعة والسبعين للنكبة، يطالب مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي المجتمع الدولي، والهيئات الأممية والإنسانية، بالتحرك العاجل لوقف العدوان الإسرائيلي وجرائم الإبادة الجماعية المستمرة على الشعب الفلسطيني، وضمان إدخال المساعدات الإنسانية بشكل فوري ودون عوائق إلى قطاع غزة، وإنهاء العدوان العسكري على شمال الضفة الغربية الذي أدى إلى تهجير أكثر من 45 ألف مواطن ومواطنة، معظمهم من النساء والأطفال، في محافظتي جنين وطولكرم.
تمثّل النكبة الفلسطينية المستمرة منذ عام 1948، وما رافقها من تهجير جماعي للفلسطينيين، أحد أبشع أشكال التطهير العرقي في التاريخ الحديث. فقد تم تشريد نحو 957 ألف فلسطيني من أصل 1.4 مليون كانوا يقيمون في نحو 1,300 قرية ومدينة فلسطينية، وسيطر الاحتلال الإسرائيلي على 774 قريةً ومدينةً، دُمّر منها بالكامل 531، بينما ارتُكبت أكثر من 70 مجزرة أدت إلى استشهاد ما يزيد على 15 ألف فلسطيني. هذا التاريخ الدموي لا يزال يتكرر اليوم، عبر سياسات الإحلال السكاني، والهجمات العسكرية المتصاعدة على قطاع غزة والضفة الغربية منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023.
تتجلى النكبة اليوم بشكلها الأشد إيلامًا في قطاع غزة، حيث يعيش الفلسطينيون تحت القصف والتجويع والنزوح، وتتحمل النساء العبء الأكبر من الكارثة الإنسانية. تتعرض النساء الفلسطينيات إلى تهجير قسري واسع النطاق، ويفقدن أزواجهن، ويقمن بإعالة أسرهن في ظل غياب أبسط مقومات الحياة والرعاية الصحية والغذاء والمأوى. وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن النساء والأطفال يشكلون 72% من الضحايا في قطاع غزة، في ظل انهيار شبه كامل للأنظمة الصحية والتعليمية والغذائية.
الاحتلال والاستعمار الاستيطاني: سيطرة ممنهجة على الأرض والإنسان
تُظهر البيانات الرسمية الصادرة عن الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني (2025) أن أكثر من 7 ملايين لاجئ فلسطيني ما زالوا مشتتين خارج وطنهم، محرومين من حق العودة، في ظل استمرار سياسات الاستعمار الاستيطاني الإسرائيلي التي تقضم الأراضي الفلسطينية، وتفرض واقعًا من الفصل العنصري والتشريد القسري. فقد بلغت نسبة مساحة المستوطنات في الضفة الغربية نحو 12% من مساحتها، وبلغ عدد المستوطنين نحو 758 ألفًا في الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية، وتم إنشاء أكثر من 470 مستوطنة وبؤرة استعمارية، في انتهاك صارخ للقانون الدولي ولقرارات الأمم المتحدة.
معاناة النساء الفلسطينيات: إفقار وحرمان وتهميش منظم
تواجه النساء الفلسطينيات واقعًا مركبًا من الإقصاء والعنف الهيكلي الناتج عن الاحتلال والعسكرة والحصار، حيث يشير الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني إلى أن 65% من النساء في الأرض الفلسطينية المحتلة خارج القوى العاملة، مقابل 27% للرجال، بينما ترتفع معدلات البطالة بين الشابات إلى أكثر من 65%. كما تتعرض النساء إلى فجوات واسعة في الأجور والمشاركة السياسية، وإلى هشاشة متزايدة في ظل الانهيار الاجتماعي والاقتصادي الناتج عن العدوان ويعتمد كل سكان قطاع غزة على المساعدات الإنسانية ضمن حصار تام على القطاع قارب على الثلاثة أشهرمما فاقم الأزمة الإنسانية.
ويُظهر تقرير مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي (2024) أن النساء المعيلات لأسرهن هن الأكثر تضررًا من العدوان، خاصة بعد استشهاد الأزواج أو إصابتهم أو اعتقالهم، مما يجعلهن في مواجهة مباشرة مع متطلبات النجاة والحياة والرعاية لأطفالهن في ظل ظروف قهرية، وانعدام الأمن، وغياب الأمان الشخصي، واستخدام الاحتلال للتجويع كأداة حرب. وتقدّر الأمم المتحدة أن 1.1 مليون شخص في غزة على حافة المجاعة، منهم مئات الآلاف من النساء والأطفال.
دعوة للمحاسبة والعدالة وإنهاء الاحتلال
يطالب مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي المجتمع الدولي، والأمم المتحدة، ومجلس الأمن، بضرورة تفعيل آليات المحاسبة على جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية المرتكبة بحق الشعب الفلسطيني، وجرائم الإبادة الجماعية التي يمارسها الاحتلال على مرأى من العالم، وضرورة وقف ثقافةالإفلات من العقاب الذي تشجّع الاحتلال على مواصلة جرائمه.
ويدعو المركز إلى تطبيق قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة الداعي إلى إنهاء الاحتلال الإسرائيلي طويل الأمد، بالاستناد إلى الفتوى القانونية الصادرة عن محكمة العدل الدولية، والعمل الجاد من أجل وقف فوري للعدوان وجرائم الإبادة في القطاع، وإنهاء الحصار، وتوفير الحماية الدولية للفلسطينيين، وخاصة النساء والأطفال، وضمان حق اللاجئين في العودة، وحق شعبنا في تقرير المصير، وبناء دولته المستقلة.