خطاب المديرة العامة لمركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي أمام مجلس الأمن

01 نوفمبر 2018

بیان لرندة سنیورة المديرة العامة لمركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي في مناظرة مفتوحة حول السلام والأمن والمرأة،

 أكتوبر/ تشرین الأول 2018

السید الرئیس، أصحاب السعادة، زملائي وزمیلاتي في المجتمع المدني، السیدات والسادة، صباح الخیر.

الیوم أتحدث بصفتي المدیرة العامة لمركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي (WCLAC)، كما أتحدث بإسم مجموعة العمل الخاصة بالمنظمات غیر الحكومیة المعنیة بالمرأة والسلام والأمن. أتحدث إلیكم بصفتي قائدة سلام ومدافعة عن حقوق الإنسان. لقد شھدت ووثقت وتكلمت علنیا عن الانتھاكات في الأراضي الفلسطینیة المحتلة منذ ثلاثة عقود مضت.

أحمل الیوم أصوات النساء الفلسطینیات اللواتي ما زلن یواجھن العنف والتمییز والحرمان والانتھاكات المنتظمة لحقوقھن الإنسانیة بشكل یومي.

میرفت، وھي من سكان مدینة الخلیل القدیمة، عندما خرجت من منزلھا في أحد الأیام لإخراج القمامة تعرضت لھجوم عنیف من قبل مجموعة من المستوطنین. شھد الجیران الذین سمعوا صراخ میرفت ضرب المستوطنین لھا وقاموا باستدعاء المساعدة. كانت ميرفت حاملا في شهرها الرابع في ذلك الوقت وقد فقدت طفلها نتيجةً لإصابتها.

في سبتمبر/ أیلول الماضي استیقظت سناء التي تعیش في القدس على وجود الشرطة الإسرائیلیة عند باب منزلھا. استمعت ّ سناء، أم شابة لطفلین، للشرطة وتفاجأت عندما تم إخطارھا بأنه سیتم ھدم منزلھا بحجة أن عائلتھا لم تحصل على تصریح بناء. أعطت الشرطة الإسرائیلیة سناء أسبوعاً واحداً للإخلاء.

في وقت سابق من شھر مایو / أیار وخلال مسیرات العودة الأخیرة على الحدود الشرقیة لغزة، أصیبت نسرین، وھي أم لثلاثة أطفال، في صدرھا بعیار ناري من قبل الجیش الإسرائیلي. كانت نسرین تتظاھر سلمیا ً مع مجموعة من النساء والأطفال. بعد یومین، أصیبت آلاء بعیار ناري في بطنھا بینما كانت تسیر مع صدیقاتھا لمشاھدة فعالیة رقص شعبي بالقرب من الحدود نفسھا.

توضح ھذه القصص طبیعة الحیاة في ظل الاحتلال بالنسبة إلى النساء والفتیات الفلسطینیات العادیات - حیث یعشنَّ وھنَّ معرضات لخطر ھجمات عنیفة أثناء ممارسة حیاتھن الیومیة. فیمكن سلب منازلھن في أي لحظة كذلك الأمر بالنسبة إلى مشاركتھن في الحیاة العامة في ظل ھذا الخوف.

یحمل كلاً ً من الاحتلال الإسرائیلي والأزمة الإنسانیة الناتجة عنه أثراً جندریاً عميقاً وتفاقم في عدم المساواة القائمة بین الجنسين، حیث تعاني المرأة بشكل غیر متناسب من العنف الذي یمارسه الاحتلال على الفلسطینیین كافة، وغالبأ ما يكون لھذا العنف عواقب جندریة محددة. حیث تواجھ النساء الفلسطینیات الھجمات والتھدیدات والتخویف والتمییز والقیود المفروضة على حركتھن من قبل الجیش الإسرائیلي بشكل یومي. كما تمارس قوات الاحتلال العنف عند نقاط التفتیش وتقوم بعملیات مداھمة لیلیة وھدم للممتلكات وبالتالي تفقد النساء الفلسطینیات منازلھن ولا یمكنھن جمع شملھن مع عائلاتھن بسبب القیود أو الحرمان من تصاریح الإقامة. وتشھد النساء حملات الاعتقال التي تتطال أزواجھن أو مھاجمة الأزواج أو قتلھم. وغالباً ما تعاني النساء من التعذیب على أساس النوع الاجتماعي في السجون الإسرائیلیة، بالإضافة إلى زیادة التمییز الذي تعاني منه النساء اللاجئات بسبب التشرید.

یعزز الاحتلال الھیاكل الأبویة للمجتمع الفلسطیني. فیجب على المرأة كسب عیشھا بالإضافة إلى مسؤولیتھا في رعایة الشباب والمرضى والجرحى، الأمر الذي غالبا ما یعزلھن عن مجتمعاتھن والحیاة العامة. وضمن جھود ھؤلاء النساء في حمایة أسرھنَّ من العنف أو الاعتقال، غالباً ما يتحولنَّ إلى حراسٍ على أطفالهنّ. إن العنف السیاسي في المجال العام یؤدي إلى تصاعد العنف في المجال الخاص - العنف المنزلي بشكل مروع، كما أنّ معدل قتل الإناث في ازدیاد.

لا تعاني النساء من ھذه الإساءات فقط بل من نقص الموارد اللازمة لمواجھتھا. فإن الظروف الھشة التي أوجدھا الاحتلال تجعل النساء الفلسطینیات تفتقرن إلى العدالة وسبل العیش. كما أثرت التخفیضات الأخیرة في التمویل على الأونروا UNRWA بشكل غیر متناسب على حیاة النساء الفلسطینیات ، لا سیما في الصحة والتعلیم. وكان لتدمیر البنیة التحتیة أثر مدمرعلى الأسر وعلى حیاة النساء والفتیات من خلال منع حصولھن على الغذاء والماء والصرف الصحي والكھرباء والرعایة الطبیة المنقذة للحیاة. ھذا وأشارت المقررة الخاصة المعنیة بالعنف ضد المرأة في عام 2017 إلى الحرمان الاقتصادي وارتفاع مستویات البطالة، بالإضافة إلى ضغوط الاحتلال التي جعلت المرأة الفلسطینیة أكثر عرضة للعنف. فالمزید من الموارد للمرأة الفلسطینیة لن یجعلھا أقل عرضة للعنف فحسب بل إنھا ضروریة لمشاركتھا في مجتمعاتھا.

بالنسبة للنساء، إن الخوف والحرمان المصاحب للاحتلال يعني عدم القدرة على الانضمام إلى الحیاة العامة أو الدفاع عن حقوقنا. لقد قلص الاحتلال الإسرائیلي المساحة أمام مجتمع مدني حر ومستقل عن طرق حظر المظاهرات السلمية واضطهاد الصحفييّن الذين ينتقدون الاحتلال. وتتھم إسرائیل المدافعات عن حقوق الإنسان بالتحریض. في یولیو/ تموز من ھذا العام، سارت آلاف النساء الفلسطینیات على الحدود الشرقیة لقطاع غزة في احتجاج سلمي ضد الاحتلال، أطلق القناصة الإسرائیلیون النارعلى المتظاھرین وأطلقوا الغاز المسیل للدموع، مما أدى إلى إصابة الآلاف وقتل ما یقرب من مائة مدني.

بالإضافة إلى ذلك ، یتم استھداف متطوعي المجتمع المدني، بما في ذلك العاملین في المجال الطبي، من قبل الجیش على ّ الرغم من أنه یمكن التعرف علیھم بشكل واضح في الزي الرسمي ویتم الاعتداء على الصحفیات الإناث المبلغات عن النزاع ويتم احتجازهنّ. ویعد الانتقام من عملھن رادعا عن الإبلاغ عن الاحتلال والتجاوزات. وھذا یعمل على زیادة تھمیش أصوات النساء في المجال العام.

وعند إلتزام مجلس الأمن بأجندة المرأة والسلام والأمن فإنه یقّر بأهمية المشاركة الحقيقية للمرأة، وأنه بدون النساء لا یمكن أن يكون هنالك سلام. إن حياة النساء الفلسطينيات دلیل على أن ھذه الالتزامات لم یتم الوفاء بھا.

على الرغم من أن المرأة كانت في طلیعة حركة التحریر الفلسطینیة، فقد عملت السلطة الفلسطینیة مع القیادات النسائیة الشعبیة لإنشاء خطة عمل وطنیة 1325، وتمَّ تمثیل عدد قلیل من النساء في محادثات السلام. حیث أنّ المرأة ممثلة تمثیلاً ناقصاً كمفاوضة رسمیة وكمستشارة تقنیة على الرغم من الأدلة الواضحة على أنھا غالباً ما كانت حاسمة في العمل عبر الانقسامات السياسية وبناء الدعم الشعبي للسلام وتوفیر الخبرة الأساسیة في مجال حقوق الإنسان أو قضایا مثل الصحة والوصول إلى الموارد. لم یتم تخصیص مساحة كافیة لإدماج شواغل المرأة الفلسطینیة في العملیات السیاسیة الرئیسیة، بما في ذلك تحقیق إقامة الدولة الفلسطینیة أو المصالحة الوطنیة. إن تمثیل المرأة في مناصب صنع القرار الرئیسیة، بما في ذلك في مؤسسات السلطة الفلسطینیة، بالكاد یبلغ 5%. 4 فقط من بین 30 عضوا في فریق المصالحة الداخلیة ھم من النساء. كما لم تتم استشارة النساء الفلسطینیات في تشكیل الاستجابات السیاسیة أو الإنسانیة في بلدنا ولذلك تم تجاھل احتیاجاتنا.

وزاد من تعقید وضع المرأة الفلسطینیة الیوم أزمة الشرعیة والثقة الحقيقية في الأمم المتحدة. حیث تم انشاء مجلس الأمن لأول مرة من أجل الحفاظ على السلام والأمن ولیس لإدارة الصراع. إن عدم قدرتھ المزمنة على اتخاذ إجراءات فعالة لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي مع أمل ضئيل في أن يتغير ذلك، يُجسد هذه الأزمة. بل على العكس، استمرار الدول الأعضاء بالاتجار بالأسلحة وتقدیم الدعم السیاسي لإسرائیل، بینما تواصل إسرائیل فرض سیاسات وممارسات تنتھك بوضوح القانون الدولي.

إن الاحتلال الإسرائیلي وثقافة الإفلات من العقاب السائدة لم تدمرا حیاة النساء والرجال الفلسطینیین فحسب بل عرقلت السلام والأمن في الشرق الأوسط. فلا یستطیع المجتمع الدولي أن ینظر بعیدا عن محنة شعبي الذي تحمل أطول احتلال في العالم. إننا نطالب مجلس الأمن بمعالجة الأسباب الجذریة للصراع ودعم حقنا في تقرير المصير . وندعو إلى إنهاء الاحتلال كخطوة أولى نحو بناء السلام ولتكون المرأة في مقدمة هذه الجهود.

لذلك ، یجب على مجلس الأمن أن یتصرف الآن من أجل:

  • ضمان المشاركة الفعالة للمرأة في منع نشوب الصراعات وفي الانتقال الدیمقراطي وجھود المصالحة وأي عمل إنساني.
  • دعوة السلطة الفلسطینیة إلى تنفیذ خطة عملھا الوطنیة 1325 من خلال تخصیص الأموال الكافیة وتقدیم دعم سیاسي رفیع المستوى ومستمر لمشاركة المرأة الفلسطینیة في جمیع مراحل عملیات السلام.
  • مطالبة إسرائیل بإنھاء احتلالھا العسكري وتوسیع المستوطنات والالتزام بالحل السیاسي والوقف الفوري لانتھاكات التزاماتھا بموجب القانون الدولي.
  • ندعو الدول إلى وقف تصدیر الأسلحة إلى إسرائیل عندما یكون ھناك خطر من أنھا قد تستخدم لارتكاب انتھاكات خطیرة للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني بما یتماشى مع معاھدة تجارة الأسلحة. ویجب محاسبة الحكومات وشركات الأسلحة وتجار الأسلحة على نقل الأسلحة في الحالات التي تغذي فیھا الصراعات والانتھاكات الجسیمة للقانون الدولي.
  • وضع حد لثقافة الإفلات من العقاب وضمان المساءلة عن الانتھاكات وخاصة الانتھاكات ضد النساء والمدافعات عن حقوق الإنسان من قبل القوات الإسرائیلیة أو أي جھات أخرى.
  • التأكد من أن جمیع الجھود الإنسانیة تستجیب لاحتیاجات الجنسین.
  •  استخدام جمیع الأدوات المتاحة لضمان مشاركة ذات معنى للمرأة وإدراج تحلیل النوع الاجتماعي في أي مناقشات حول الوضع، بما في ذلك عن طریق إضافة موضوع الأراضي الفلسطینیة المحتلة إلى جدول أعمال فریق الخبراء غیر الرسمي المعني بالمرأة والسلام والأمن ودعوة النساء الممثلات للمجتمع المدني لإحاطة المجلس خلال المناقشات الخاصة بكل بلد.

إنّ النساء الفلسطینیات اللواتي نشأن على الخطوط الأمامیة في ظل الاحتلال یدافعن عن أرضنا وبیوتنا وعائلاتنا. إننا نواصل قیادة الجھود للمطالبة بالمساءلة والدعوة للمساواة. ولذلك لیس لدینا الحق فقط ولكن أیضا القدرة والخبرات والتجربة اللازمة لتھیئة الطریق إلى سلام دائم وعادل ودائم.

شكراً لكم