عقد مركز المرأة للارشاد القانوني والاجتماعي بالشراكة مع منتدى المنظمات الأهلية الفلسطينية لمناهضة العنف ضد المرأة يوم الخميس الموافق 27\12\2018 في رام الله جلسة تفاكرية حول قانون الأحوال الشخصية بعنوان "قانون الأحوال الشخصية الذي نريد". وقد شارك في الورشة عددا من ممثلي\ات الأحزاب السياسية والوطنية والقيادات النسوية والقانونيين\ات والناشطين\ات. وجاءت هذه الورشة التفاكرية بالتزامن مع المستجدات الأخيرة المتعلقة بخطاب الكراهية ضد النساء، ومحاولات السلطة التنفيذية الفلسطينية التنصل من مسؤولياتها القانونية إزاء الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان من خلال توجهاتها الجديدة بالسعي نحو فرض التحفظات على الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان وعلى رأسها اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو).
وتناولت الأستاذة لينا عبد الهادي المستشارة القانونية لمحافظة نابلس وعضو مؤسس لحركة "إرادة" في مداخلتها جملة من المرتكزات القانونية التي لها علاقة بإصلاح القوانين والتشريعات لتتوائم مع المواثيق والاتفاقيات الدولية التي انضمت اليها دولة فلسطين، وعلى رأسها الدستور، ووثيقة إعلان الاستقلال والنظام الديمقراطي المبني على التنوع والتعددية الحزبية والفكرية، وموائمة التشريعات وفق الالتزامات القانونية المترتبة على انضمام فلسطين إلى الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان، وأكدت على ضرورة الانتقال من النهج الديمقراطي إلى دولة ديمقراطية كاملة.
وأشارت عبد الهادي الى تدني نسبة تمثيل المرأة في الأحزاب والهيئات القيادية بما فيها مؤسسات منظمة التحرير الفلسطينية، ، فوجود المرأة في المجلس الوطني لا يتجاوز نسبة 10% وامرأة واحدة في اللجنة التنفيذية، كما أن نسبة تمثيل المرأة في الاحزاب السياسية هي % 26 فقط. وأكدت الأستاذة لينا بدورها إلى أهمية المشاركة السياسية للنساء في المواقع القيادية ومشاركة النساء في مؤسسات المجتمع المدني للتحول الديمقراطي ووضع معايير ومرتكزات القانونية لتشريعات وضعية تضمن المساواة والمواطنة الكاملة للنساء في جميع القوانين والتشريعات، وعلى رأسها قانون الأحوال الشخصية الفلسطيني، وذلك على قاعدة معايير التسامح، والتعددية والإختلاف لأنه قد لا يتم الاتفاق على خطاب ورؤية موحدة إزاء قانون الأحوال الشخصية وقد تٌعرض خيارات متعددة.
وأضافت الدكتورة سحر القواسمي عضو المجلس التشريعي السابق ورئيسة مجلس إدارة مركز المرأة للإرشاد القانوني والاجتماعي أن انضمام دولة فلسطين إلى الاتفاقيات والبركوتولات المختلفة التي لها علاقة بحقوق المرأة وبمناهضة العنف ضدها يجعلنا امام تحد كبير سيما وان فلسطين تتعامل مع قوانين موروثة من الحقب التاريخية السابقة. وشددت القواسمي على أن شعبنا الذي ضحى وناضل كثيرا من أجل الاستقلال والتحرر الوطني لا بد أن يتمتع بقوانين عصرية ومتطورة ومتقدمة تجمع كافة عناصر الدولة المدنية. وأشارت بشكل خاص إلى ضرورة تبني قانون أحوال شخصية مدني يستند إلى المساواة التامة بين الجنسين في قضايا الأحوال الشخصية ويطبق في المحاكم النظامية الفلسطينية صاحبة الاختصاص. ونفت القواسمي صدور مراسيم أو قرارات رسمية تهدف الى التراجع عن بعض الاتفاقيات الدولية التي وقعت عليها السلطة والمتعلقة بحقوق المرأة مؤكدة على ان ما يشاع وما تتناقله بعض وسائل الاعلام عن مسؤولين حول الموضوع هي اراء ومواقف شخصية وليست قرارات رسمية للحكومة، مشددة في ذات الوقت على ما هو معمول به من القوانين السارية الآن على أنها لا تصلح، ويجب الإسراع في استبدالها بقوانين فلسطينية متطورة وذلك من أجل خلق نسيج اجتماعي موحد.
بدورها تحدثت الأستاذة ساما عويضة المديرة العامة لمركز الدراسات النسوية وعضوة منتدى مناهضة العنف ضد المرأة عن مفهوم المساواة، وعدم اقتصاره على المساواة أمام القانون كما جاء في القانون الأساسي الفلسطيني، فالمساواة هي إمكانية الوصول إلى الموارد والتحكم بها، وأشارت إلى تلكؤ المجلس التشريعي السابق في سن القوانين ذات الصلة بالأحوال الشخصية بالرغم من إقرارة لعشرات القوانين التي تمس كل مجالات الحياة، وبالرغم من أن قوانين الأحوال الشخصية السارية من الحقبات التاريخية السابقة هي قوانين تمييزية تؤدي إلى انتهاك حقوق المرأة الفلسطينية وتمس حقوقها وكرامتها الانسانية بشكل يومي. وأشارت الأستاذة ساما بدورها إلى دور الأحزاب السياسية ومسؤوليتها تجاه تأجيل طرح مسودة قانون الاحوال الشخصية عندما كان المجلس التشريعي فعالا، واستثناء قانون الأحوال الشخصية من أولوياتها، بحيث بقي هذا القانون ضمن القوانين المؤجلة بالرغم من أهميته وشأنه في تنظيم العلاقات الأسرية والمجتمعية.
كما وتحدث في الندوة كل من السيد عمر شحادة عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية والسيد رمزي رباح عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية والسيد فهمي شاهين عضو اللجنة المركزية لحزب الشعب والدكتور مصطفى البرغوثي الأمين العام للمبادرة الفلسطينية الوطنية والسيدة زهيرة كمال الأمين العام لحزب فدا، الذين أكدوا جميعا على أهمية استمرار التزام الحكومة بالاتفاقيات الدولية التي وقعت وصادقت عليها دون تحفظات، وبضرورة الإسراع في سن القوانين والتشريعات المنسجمة مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان. وتم التأكيد على أن قضية حقوق المرأة هي قضية مجتمعية وقضية مفصلية وجوهرية للنظام الديمقراطي الفلسطيني الذي نريد، وأن إحداث تغيير فعلي في واقع المرأة الفلسطينية يتطلب إيلاء اهتمام خاص لدور وأهمية مشاركة النساء في الأحزاب السياسية والعمل الجماهيري والشعبوي للوصول إلى النساء والرجال والشباب، وشرائح المجتمع الفلسطيني كافة، وأن يتم العمل على قضايا المرأة والتشريعات العادلة في إطار ائتلاف ديمقراطي عريض يقف في وجه الهيمنية الذكورية والتسلط، وأن يكون الحراك النسوي جزءا لا يتجزأ من هذا الائتلاف العريض، وأن تحقيق المساواة التامة للنساء بما في ذلك في القوانين والتشريعات، وعلى رأسها قانون الأحوال الشخصية ، والذي لا يمكن تحقيقه دون حاضنة ديمقراطية بمضمون سياسي أشمل، والحاجة للتوافق على خطاب نسوي حقوقي في إطار جبهة واسعة موحدة لمجابهة المخاطر والتحديات التي قد تعترضنا، وتكوين قوة مجتمعية ديمقراطية ضاغطة تتبنى التوجه الديمقراطي بما فيها قضية المرأة.
وخلصت الورشة بالعديد من التوصيات التي كان أبرزها: